نكتب بيروت: عمل تشاركي بين ”كحل“ و”الرائدة“ مجلة الرائدة، كُحْل
See the original call on Kohl’s website here.
تاريخنا النسويّ مثقل بالصراعات الجذرية. لسنوات، بل لعقود، واجهنا نظامًا يبدو طائفيًا، بينما هو مترسّخ في غاياته الربحية؛ إلغاء هذا النظام أصبح نهجنا، فانخرطنا مع خطّ نسويّ ناضل ولا يزال من أجل تعطيل النظم القمعية حيثما كانت. منذ العام 2019، اتخذت رؤانا شكلها الواضح والمرئي، حيث احتللنا الشوارع - وهو ما لن نساوم عليه بعد اليوم، فلا هدنة أو استكانة لإصلاحات لا طائل منها سوى استدامة النظام وعدم المساس به. فهذا النظام، مستعينًا بأدواته القاتلة، ارتكب حروبًا وجرائم لضمان بقاء طبقته. منذ سنوات، زرعوا قنبلة موقوتة بيننا. وفي الرابع من آب 2020 فجّرونا، متفلّتين تمامًا من أي عقاب، في محاولة وقحة للحفاظ على ثرواتهم ورصيدهم الاجتماعي، ساخرين من ألمنا ومن الدمار الذي أنتجوه. نرثي موتانا وحياتنا إذ نحياها؛ يترائى لنا بعضًا من الدعم المجتمعي؛ نؤجل التنظيم والتعبئة والتفاوض ونلبس ثوب المحترمات/ين. نقاوم تطبيع ألمنا وغضبنا. لسنا معتادات/ون على هذا، ولا يجدر بنا أن نعتاد عليه.
مرّ أكثر من شهر على الهجوم على بيروت وسكّانها، خلالها، كنّا بريئات/ون وظننا أننا قد نستطيع معًا أن نشكّل فهمًا منطقيًا حيال ما جرى، أو تداعياته الهائلة التي قد تطال حياتنا وحياة زميلاتنا / زملائنا وصديقاتنا / أصدقائنا وعائلاتنا. ولكن التداعيات المستمرة لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، ظلّت عصيّة على الكلمات التي لها أن تصف الدمار الخرافي الذي بدا خارج نطاق الزمان والمكان. في المقابل، كنّا أسيرات / أسرى نوبات حزن وأسى شديدين، يرافقهما غضب ساطع وعصيان، بينما نعيد بناء بيوتنا وأحيائنا وحياتنا. لم نعتد على ذلك، ولكن تاريخنا عبر الأزمنة والجغرافيا هو تاريخ من السلب والمقاومة ضد تحالف الفساد وتكديس الثروات والخوف - منّا، نحن الكويريات/ون، المهاجرات/ون، اللاجئات/ون، والعاملات/ون.
في هذا الوقت، قرّرت “كحل” و”الرائدة” أنّ الأمور لن تكون كما كانت عليه في السابق، بل ستكون تضامنًا نسويًا مع بعضنا البعض، مع زميلاتنا / زملائنا الكاتبات / الكتّاب، ومع أولئك اللواتي / الذين تبنين / يبنون بيروت. معًا، نريد خلق وحماية مساحة للتفكير النقدي حول الجندر، العرق، القدرة، والطبقة وربطها بتداعيات انفجار الرابع من آب. نريد مناهضة كتابة تاريخ حول التأقلم، ومواجهة السرديات المضادة التي تضفي طابعًا رومانسيًا على مدينة (في هذه الحالة بيروت) نظرًا لما كانت عليه قبل التدمير- تبقى موقعًا لمعاركنا متعدّدة الأبعاد. من هذا المنطلق، نأمل توثيق وتظهير العمل الجبّار الذي ت/يقوم به الناشطات/ون، والعاملات/ون المقيمات/ون في لبنان، بينما نواصل سعينا نحو تحقيق المساءلة والعدالة الشاملة. كما نتمنّى توثيق الترابط بين نضالاتنا في مواجهة النظم التي تسعى إلى تدميرنا، ونأمل إيصال تضامننا العابر للقوميات وجدواه، سواء كانت الحروب التي نخوضها صاخبة في علنيّتها أو صامتة في سيرورتها العادية.
شاركونا كتابتكن/م وغضبكن/م على submit@kohljournal.press